الإشارة إلى الصدر:
1- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: ( إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم، ) ( وأشار بأصابعه إلى صدره ) (1 ).
2- وعنــه أيضــًا قال: قــال رسول الله: ( لا تحاسدوا; ولا تناجشوا; ولا تباغضوا; ولا تدابروا; ولا يبع بعضكم على بيـع بعض، وكـونـوا عبـاد اللـــه إخـوانـًا. المسلم أخـو المـسـلم، لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، التقوى ههنا ( ويشير إلى صدره ثلاث مرات )، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم. كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه ).
( التقوى ههنا ) معناه أن الأعمال الظاهرة لا تحصل بها التقوى، إنما تحصل بما يقع في القلب من عظمة الله وخشيته ومراقبته (2 ).
ويعلق القرضاوي على هذا الحديث بقوله: ( فهذه الإشــارة إلى الصدر في بيان حقيــقة التقــوى ومحلـها، أبلــغ كثــيرًا من قوله: ( التقـــوى محلها القـلب )، فهذه كلمة قد تمر على الكثيرين دون أن يلقــوا لها سمـعــًا، أو يلقـــون سمعًا ولا يحضرون مع السمع قلبًا ) (1 ).
3- وعن أنس رضي الله عنه قال: ( كان رسول الله يقول: الإسلام علانية، والإيمــان في القلب، قال: ( ثم يشـــير بيده إلى صدره ثلاث مرات )، قال: ثم يقول: التقوى ههنا، التقوى ههنا ) (2 ).
4- وبالإضافة إلى إشارته إلى صدره، ورد في السنة أنه كان يشير إلى صدر المخاطب أحيانًا، فعن وابصة بن معبد قال: أتيــت رســول الله وأنـا أريـد أن لا أدع شيـئــًا من البـر والإثــم إلا سألته عنه، وإذا عنده جمع فذهبت أتخطى الناس.
فقالوا: إليك يا وابصة عن رسول الله ، إليك يا وابصة .
فقلت: أنا وابصة، دعوني أدنو منه فإنه من أحب الناس إلي أن أدنو منه، فقال لي: ادن يا وابصة، أدن يا وابصة، فدنوت منه حتى مست ركبتي ركبته فقال: يا وابصة أخبرك ما جئت تسألني عنه، أو تسألني، فقلت: يا رسول الله فأخبرني، قال: جئت تسألني عن البر والإثم، قلت: نعم، ( فجمع أصابعه الثلاث فجعل ينكت بها في صدري ) ويقول: يا وابصة استفتِ نفسَك، البر ما اطمأن إليه القلب واطمأنت إليه النفس، والإثم ما حاك في القلب وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس، قال سفيان: وأفتوك )(1 ).
الإشارة إلى الحلق:
5- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: ( مثل البخيل والمنفق كمثل رجلين عليهما جُبّتان من حديد من لدن ثدييهما إلى تراقيهما، فأما المنفق فلا ينفق شيئًا إلا مادَّت على جلده حتى تُجِنّ بنانه وتعفو أثرَه، وأما البخيل فلا يريد ينفق إلا لَزِمَت كلُ حَلْقَةٍ موضعها فهو يُوسعها ولا تَتسع، ) (ويشير بإصبعه إلى حلقه ) (2 ). ( مادت ) تمددت.
( تجن ) تستر.
( يشير بإصبعه إلى حلقه ) مبينًا كيف أنها تتضيق على عنقه بحيث يكاد يختنق. وفي رواية أخرى عند البخاري ( جُنَّتان ) بدل ( جُبّتان ) (1 ).
( جُنتان ) درعان.
6- عن بسر بن جحاش القرشي قال: بزق النبي في كفه، ثم وضع إصبعه السبابة وقال: ( يقول الله عز وجل: أنى تعجزني ابن آدم، وقد خلقتك من مثل هذه! فإذا بلغت نفسُك هذه ( وأشار إلى حَلْقِه ) قلتَ: أتصدق، وأنى أوانُ الصدقة )(2 ).
الإشارة إلى اللسان:
7- عن عبد الله بن عــمر رضــي الله عنهما قــال: قــال رسول الله : ( إن الله لا يعذب بدمع العين، ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا ( وأشار إلى لسانه ) أو يرحم، وإن الميت يعذب ببكاء أهله عليه ) (3 ).
8- عـــــن معــاذ رضي اللـــــه عنـــه قال: قــــال رسول الله: رأس الأمر الإســلام، وعمـــوده الصلاة، وذروة سنــامه الجهاد. ثم قال: ألا أخبرك بملاك ذلك كله ؟ قلت: بلى يا نبي الله ( فأخذ بلسانه ) وقال: كف عليك هذا، فقلت: يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ فقال: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب النــاس في النار على وجوههم -أو على مناخرهم - إلا حصائد ألسنتهم )؟
قال الترمذي: حديث صحيح (1 ).
وقال المباركفوري: وإنما أخذ عليه الصلاة والسلام بلسانه وأشار إليه من غير اكتفاء بالقول تنبيهًا على أن أمر اللسان صعب (2).
9- عن سفيان بن عبد الله الثقفي رضي الله عنه قال: ( قلت: يا رسول الله حدثني بأمر أعتصم به، قال: قل ربي الله ثم استقم، قلت: يا رسول الله ما أكثر ما تخاف عليّ؟ فأخذ رسول الله بلسان نفسه، ثم قال: هذا ) (1 ).
ولا شك أن هذه الإشارة الحسية إلى اللسان تجعل الذين حضروا هذه المواقف التعليمية يدركون خطر اللسان وعواقبه الوخيمة على الإنسان في الدنيا والآخرة بأكثر من ذكر اللسان ذكرًا مجردًا عنها. كما أن هذه الإشارة تساعد على بقاء هذه الخبرة التربوية مدة أطول.
استخدام الحصى:
10- عن بريدة رضي الله عنه قال: ( قال النبي: هل تدرون ما هذه وهذه؟ ورمى بحصاتين. قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: هذاك الأمل، وهذاك الأجل ) (2 ).
11- عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله ( أخذ ثلاث حصيات، فوضع واحدة، ثم وضع أخرى بين يديه، ورمى بالثالثة )، فقال: هذا ابن آدم، وهذا أجله، وذاك أمله ( التي رمي بها ) (1 ).
12- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (دخلت على رسول الله # في بيت بعض نسائه، فقلت: يا رسول الله أي المسجدين الذي أسس على التقوى؟ قال: ( فأخذ كفًا من حصباء فضرب به الأرض )، ثم قال: هو مسجدكم هذا ) ( لمسجد المدينة ).
قال النووي في شرح هذا الحديث: ( وأما أخذه الحصباء وضربه في الأرض، فالمراد به المبالغة في الإيضاح لبيان أنه مسجد المدينة. والحصباء بالمد الحصى الصغار )(2 ).
13- عن حذيفة رضي الله عنه، قال: حدثنا رسول الله حديثين قد رأيت أحدهما وأنا انتظر الآخر. حدثنا أن الأمانة نزلت في جَذْر قلوب الرجال، ثم نزل القرآن، فعَلِمُوا من القرآن وعَلِمُوا من السنة. ثم حدثنا عن رفع الأمانة قال: ينام الرجل النومة فتقبض الأمانة من قلبه، فيظل أثرها مثل الوَكْت، ثم ينام النومة فتقبض الأمانة من قلبه، فيظل أثرها مثل المَجْل، كَجَمرٍدحرَجْتَه على رجلك، فَنَفِط فتراه مُنْتَبِرًا وليس فيه شيء ( ثم أخذ حصى فدحرجه على رِجْله ) فيصبحُ الناسُ يتبايعون لا يكاد أحد يؤدي الأمانة، حتى يقال: إن في بني فلان رجلاً أمينًا. حتى يقال للرجل: ما أَجْلَده، ما أظرفه، ما أعقله، وما في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان ) (1 ).
( الوَكْت ) الأثر اليسير. ( المَجْل ) التنفط الذي يصير في اليد من العمل بفأس أو نحوها.
( منتبرًا ) مرتفعًا.
قال الإمام النووي: وأخذ الحصاة ودحرجته إياها، أراد بها زيادة البيان وإيضاح المذكور والله أعلم (2 ).
( وَذَكِّرْ فَإنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ* وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إلا لِيَعْبُدُونِ)
Tech